القرآن كائن حي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وانشر علينا أبواب حكمتك، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما عملتنا، إنك أنت العليم الحكيم.

يظل الدكتور مصطفى محمود ظاهرة فريدة جمعت بين الأدب والطب والفلسفة والفكر، ‏وتظل مؤلفاته الفكرية وحلقاته التلفزيونية ومناظراته ومناقشاته مثار جدل تثير الحيوية والنشاط في الحياة الفكرية. ويبقى الدكتور مصطفى محمود القيمة والقدوة والرمز المضئ الذي أفنى حياته باحثاً ومنقباً ومجتهداً وعلامة بارزة من علامات فكرنا العربي والإسلامي المعاصر، فجاءت كتاباته واجتهاداته شاهداً على عصره وعلى زمانه.

اللغة القرآنية تختلف عن لغتنا التي نكتب بها أو نتكلم بها في أنها محكمة لا خطأ فيها ولا نقص ولا زيادة.وكما جاء القرآن في نظم الحكم، وفي الاقتصاد، وفي الأخلاق، وفي حقوق الإنسان، وفي الأسرة، والشرائع بالكلمة النهائية الجامعة. كما انفرد ‏بذروة في البلاغة وقمة في البيان وجمال في الأسلوب لم يطاوله فيه كتاب.
‏وما أشبه القرآن في ذلك بالكائن الحي! الكلمة فيه أشبه بالخلية، ‏فالخلايا تتكرر تتشابه في الكائن الحي، ‏ومع ذلك فهي لا تتكرر أبدا، ‏وإنما تتنوع وتختلف وكذلك الكلمة القرآنية فإننا نراها تتكرر في السياق القرآني ربما مئات المرات، ‏ثم نكتشف انها لا تتكرر أبدا برغم ذلك، إذا هي في كل مرة تحمل معنى ومشهد وتفسيراً آخر. وما يحدث أنها تخرج بنا من الإجمال الى التفصيل.
ولقد أعطى الله الإنسان مساحة كبيرة هائلة من المنازل والمراتب، يختار منها عُلواً وسُفلاً ما يشاء، أعطاه معراجاً عجيباً يتحرك فيه صاعداً هابطاً بلا حدود. وبين معراج الروح صعوداً، ومنازل الجسد والطين هبوطاً، تتذبذب النفس منذ ولادتها، فتتسامى هنا، وتتردى هناك، بين أفعال السمو وأفعال الانحطاط، ثم تستقر على شاكلتها وحقيقتها. وبحكم رتبة العبودية يصبح الإنسان مستحقاً للمدد من ربه، فيُمدُّه الله بنوره ويهيئ له أسباب الخروج من ظلمته. وذلك هو سلوك الطريق عند الصوفية. بالتخلية (تخلية النفس من الصفات المذمومة)، ثم التحلية (تحلية القلب بالذكر والفضائل) والتعلُّق والتخلُّق والتحقُّق.
?التعلق عندهم هو: التعلق بالله، وترك التعلق بما سواه

التعلق عندهم هو:محاولة التحلى بأسمائه الحسنى الرحيم، الكريم، الودود، الرءوف، الحليم، الصبور والشكور قولاً وفعلاً.

?التحقق هو: أن تصل إلى أقصى درجات الصفاء واللطف والمشاكلة، فتصبح ربانياً في طباعك أو تكاد.

أخيراً أختتم المؤلف كتابهُ بمقولة: " قيمة الإنسان هي مايضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته"

اللهم علمنا ‏ما لم نعلم، وفهمنا ما لم نفهم وارزقنا الطريق الأقوم.

رب اشرح صدورنا ويسر أمورنا ربنا زدنا علما.