من موقع أبجد:
هادي العلوي، (1933 - 27 سبتمبر 1998) مفكر مشاعي صوفي عراقي كوني، اهتم بالتراث العربي وقرأه قراءة نقدية. كان مهتما بالحضارة الصينية أيضا. توفي عام 1998 في دمشق التي دفن فيها.
كان كاتبا غزيرا ألف الكثير من الكتب التي تدور حول الشيوعية والتراث والحضارة العربية والصينية وغيرها الكثير من المؤلفات القيمة. عاش متنقلا بين الصين ولندن وبيروت ودمشق.
حمل هذا الكتاب عنوان (شخصيات غير قلقة في الإسلام)، فخالف بذلك عنوان كتاب عبد الرحمن بدوي (شخصيات قلقة في الإسلام) والذي تناول فيه ثلاث شخصيات فقط؛ سلمان الفارسي، والحلّاج، والسهرودي. أما كتابنا هذا فتناول خمس عشرة شخصية.
ورغم أن بدوي اهتم بالحالة الإيمانية والعقائدية للشخصية المترجَمة، فإن هذا الكتاب تطرّق لنفس الجانب مع تركيز أكثر على مدى فعالية الشخص تاريخيًا وتأثيره اجتماعيًا. كما اشترك الكتابان في ذكر مكانة بعض الشخصيات لدى الشيعة والسنة.
وقال المؤلف في مقدمته أنه قد خرج بالشخصيات "من فروض المقدّس بل ومن دواوين القُرب والمحبة، لكي تظهر للناس كما هي لا كما نريدها". أي شخّصها من ناحية موضوعية عقلية لا من ناحية عاطفية.
واختار الكاتب شخصياته بعشوائية كما قال، وانتقاها من الفترة الممتدة منذ النبوّة وحتى المراحل الأخيرة للدولة العباسية. فجاءت خمس عشرة شخصية إسلامية (غير قلقة) حسب تعبيره، بعضها تولت السلطة في الدولة الإسلامية، وبعضها قادت المعارضة أو كانت في صفّها، وأخرى ذات علم وأدب.
ومن هذه الشخصيات؛ سلمان الفارسي، الفرزدق، الحسين بن علي، شبيب الخارجي، النظّام، الرازي، أبو حنيفة، صلاح الدين الأيوبي، عمر بن عبدالعزيز، وغيرهم.
وسعى المؤلف أن يكون حديثه عن الشخصيات حياديا (ويبدو لي أنه وفق في ذلك إلى حد ما). فمع أنه رجع إلى أمهات الكتب في التاريخ والسيَر والتراجُم، لكنه لم يُسلِّم بكل ما جاء فيها، بل فنّد الأقوال وأبدى رأيه الخاص.
وحيث أن المؤلف - هادي العلوي - ماركسي معروف، فإنه لم يَسْلَم من الأدلجة في كتابه، ويظهر ذلك جلياً في تحليلاته المتعاطفة مع الثوار وأصحاب حركات التمرد، وربطه لكثير من الأفكار والنزعات التحررية والقيم التي نادى بها أصحابها بالفكر الماركسي أو الفلسفة التاوية(الطاوية) ذات الأصل الصيني، والتي تعني العمل بعفوية، وترتكز على الرحمة والتقشف والتواضع.
امتاز الكتاب بتحليلاته وعمقه في إبراز شخصياته، وتطرقه لجوانب نشأة وحياة تلك الشخصيات قلّما يتطرق لها كتّاب التاريخ والسير، ونحن بالطبع قد نوافقه في شيء مما قال ونخالفه في أشياء أخرى. كلٌ بحسب منطلقاته وعقيدته وفكره.
ويؤخذ على الكاتب - من وجهة نظري - عدة مآخذ:
1- أنه عنون كتابه بـ (شخصيات غير قلقة في الإسلام) لكنه في نفس الوقت وصف بعض الشخصيات بالقلق. فوصف بشّار بن برد قائلًا: "بينما استمر بشّار على نهجه القلق الميّال إلى الزندقة حتى نهاية حياته". ص178
ووصفه في موضع آخر في نطاق مقارنته بالفرزدق: "والفرزدق مؤمن، وبشّار يمثل غِرار مثقف حر قلق". ص184
وقال في وصف الرازي: " وهو أقل قلقًا من المعرّي". ص219
2- أنه ادّعى التجرد في تحليل الشخصيات، وأنه سيصفها كما هي، لا كما نريدها أو نعرفها نحن. لكنه انقاد لفكره الماركسي، فحين تتسم شخصيةٌ ما ببعض القيم كالتواضع والتسامح ورفض الظلم، فإنه لا يربطها بالقيم الإسلامية كونها شخصية مسلمة، بل يُرجعها إلى صفات فطرية أو مكتسبة من النشأة والبيئة، ثم يذهب فوق ذلك إلى ربطها بالفكر الماركسي أو الكونفشيوسي. حدث ذلك في أكثر من عشرة مواضع. مثال ذلك؛ عند حديثه عن تولي سلمان الفارسي رضي الله عنه لولاية (المدائن) في خلافة الفاروق رضي الله عنه، بعد أن كانت هذه المدينة تحت الحكم الامبراطوري الكسروي الظالم. فوصف علاقة سلمان بمحكوميه بأنها علاقة احترام متبادل؛ عدم سطوة من القائد والتزام طوعي من المقودين. ثم قال: "بذلك تكون هذه المدينة الكسروية قد جرّبت طريقة حكم كالتي تحدّث عنها لاوتسه في كتاب التاو". ص25-26
وفي حديثه عن انهيار الدولة الأموية، يظهر فكره الماركسي الشيوعي، حيث قال: "المسألة في الحقيقة لا تتعلق بإرادة إلهية. فالثورة العباسية كانت بمثابة استدعاء تاريخي لتطورٍ قَطَعَتْه الامبراطورية الإسلامية ولم يعد النظام الأموي قادرًا على التلاؤم معه". 134
3- استخدم المؤلف بعض المصطلحات بكثرة كـ (اللقاحية، والتسووية) دون أن يبين معناهما، ولو حاول القارئ معرفتهما من خلال السياق، فإنه قد يستسيغها في مواضع ويستثقلها في أخرى.
# وأختم قائلًا أنني استفدتُ من الكتاب معلومات جمّة عن هذه الشخصيات، بالإضافة إلى أسلوب التحليل والمقارنة والخروج بالرأي الخاص.
▪️ لخصه: يعقوب بن نبهان الخروصي (بتاريخ 18 ذو الحجة 1441هـ - 8 أغسطس 2020م).
لا يوجد تعليقات
أترك تعليقًا Cancel