عن المؤلف:

سامي عامري، دكتور تونسي متخصص في مقارنة الأديان، وله دراسات معمقة حول العهدين القديم والجديد، والاستشراق التنصيري. كماله عناية بالمذاهب الفكرية الحديثة، خاصة العلمانية وما بعد الحداثة والإلحاد الجديد، وبيان ربّانية الإسلام وقدرته على إرضاء العقل وإشباع الفطرة والإجابة على أحدث الأسئلة المعاصرة والإشكالات الحادثة والشائكة.

من أبرز مؤلفاته هذا الكتاب (مشكلة الشر ووجود الله) الذي لقي قَبولا واسعا لدى القراء العرب. وله مؤلفات أخرى؛ منها :

  • العالمانية طاعون العصر.
  • لماذا يطلب الله من البشر عبادته؟
  • فمن خلق الله؟
  • استعادة النص الأصلي للإنجيل.
  • براهين وجود الله في النفس والعقل والعلم.

والدكتور عامري ناشط في وسائل التواصل الاجتماعي (يوتيوب، تويتر، فيسبوك)، ومهتم بالقضايا الفكرية والعقدية على الساحة.

عن الكتاب:

ذكر المؤلف في مقدمته أن هذا الكتاب جزء من مشروعه في البحث العلمي لمقارنة الأديان وذلك لدراسة الإلحاد دراسة نقدية واعية. في ظل غياب الموقف الحازم من المؤسسات الرسمية في الدول الإسلامية تجاه ظاهرة تفشي الإلحاد الخطيرة، خصوصا في عالم التواصل المفتوح الذي هدم الأسوار والحدود أمام الأفكار. وبيّن أنه لا مفر من مواجهة شبهات الإلحاد بالحجة والمصاولة الفكرية المباشرة.

ثم عرج على خطورة مشكلة الشر وأنها تمثل الركيزة الإلحادية الأهم لكثير من فلاسفة الإلحاد القديممن غير تيار الإلحاد الجديد الذي يستعمل أدوات فكرية مختلفة في التعاطي مع الإيمان - بل إن موضوع الشر بحسب الدراسات الاستقرائية هو السؤال الإلحادي الأول. ولعل الوقود الأكبر المغذي لهذه المشكلة الفلسفية هو نمط الحياة الغربية التي تسعى للاستمتاع بالملذات الآنية والقضاء على منغصاتها (الألم)؛ ولهذا لم يبرز سؤال الشر مع كل الحضارات كما برز مع الحضارة الغربية الحديثة مع أن الشعوب الأخرى تعاني أضعاف ما تعانيه الشعوب الغربية من الآلام ومشاق الحياة.

وهذه المشكلة تعالج فلسفيا فيما يُعرف بـ (عدل الله) أو (الثيوديسيا)، وهي موجودة في المؤلفات الإسلامية تحت أبواب القضاء والقدر، ولعل أحسن ما أُلِّف فيها في التراث الإسلاميبحسب رأي المؤلف - كتاب: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم.

واتخذ المؤلِّهة منهجين في معالجة مشكلة الشركما نبه على ذلك أول من نبه ألفن بلنتنجا في كتابه الشهير (الله، والحرية، والشر) عام 1974م -:

  1. الخيار الدفاعيويتلخص في بيان أن استدلال الملحد على وجود تضاد بين صفات الله ووجود الشر غير سليم، ولا يعدو أن يكون مغالطة منطقية.
  2. الخيار الثيوديسيويتلخص في السعي لبيان السبب أو الأسباب التي سمح الله لأجلها بوجود الشر، بعبارة أخرى؛استجلاء الحِكَم الإلهية لوجود الشر.

والمؤلف يسعى للخيار الثاني لأننا وإن بينا تناقض الملاحدة في دعوى مشكلة الشر إلا أن هذا لا يريح إيمان الإنسان الحائر الذي يظل يسأل: (لماذا أذن الله لكل هذا الشر بالوجود مع كمال رحمته؟).

وأعسر ما في الجواب عن مشكلة الشر هو معرفة السؤال لا الجواب، وذلك بالبحث عن جميع تشظيات السؤال ولوازمه بحيث يكونالجواب شاملا لجميع فروعه واستشكالاته.

وعموما صال المؤلف وجال في الكتاب في الكثير من السجالات والردود المنطقية والفلسفية، وأُجمِل ردوده في الآتي:

أهم ما يفسر لنا وجود الشر في هذه الحياة الدنيا:

  1. أن الحياة وضعت للاختبار والابتلاء، لا للتنعم والراحة.
  2. الشر لازم لحرية الاختيار التي منحها الله للبشر، فلو كان يُلزمهم بالخير لذهبت حرية الاختيار.
  3. الحاجة إلى قوانين كونية مستقرة، فلو كان الله يتدخل كل مرةإن صح التعبير - لإزالة الشر قبل وقوعه لبطلت القوانين والسنن، وبطل الأخذ بالأسباب، وبطل فهم الكون.
  4. الشر موجود لإشعار الإنسان بحاجته لله ﴿كَلّا إِنَّ الإِنسانَ لَيَطغى ۝ أَن رَآهُ استَغنى﴾ [العلق: ٦-٧].
  5. الشر موجود لندرك نعمة الخير ونعم الله الكثيرة: (وبضدها تتميز الأشياء).
  6. معرفة حقارة الدنيا وضآلتها، وهذا أدعى لعدم الركون إليها والاغترار بها، ومخالفة أمر الله.
  7. لو عُدِمت الشرور لعُدِمت كثيرٌ من القيم الصالحة: كالكفاح، والتضحية، والإيثار، والسعي للرزق، وغيرها، فيصبح العالم باهتا بلا قيم ولا دوافع، فالحياة بلا شر حياة بلا معنى، ولا يستطيع الإنسان معايشة *اللامعنى* .
  8. الحياة الدنيا ليست كل شيء، بل هي فصل من الحكاية: ﴿وَما هذِهِ الحَياةُ الدُّنيا إِلّا لَهوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوانُ لَو كانوا يَعلَمونَ﴾ [العنكبوت: ٦٤].
  9. مشكلة الخير المجاني أكبر من مشكلة الشر المجاني لدى الملحد، إذ لا يستطيع أن يفسر في ضوء الإلحاد لماذا يوجد هذا الخير كله؛ إذلولا انتظام الخير في الكون لما عرفنا الشر (فالشر هو تخلف الخير).
  10. الإنسان يقر بقصوره العقلي، خصوصا مع توسع العلوم والقول بنظرية الكايوس (الفوضىأو شواش - أو تأثير الفراشة) التي يقربها معظم الملاحدة؛ إذ لا نستطيع الجزم بأسباب الظواهر الكونية.
  11. مشكلة الشر بحدتها الحالية نتاج عجز الكنيسة وكتبها (العهد القديم والعهد الجديد) وعقائدها عن تقديم تصور سائغ لوجود الشر في عالم خلقه إله رحيم.
  12. مشكلة الشر لا تنفي في أقوى صورها وجود الإله الخالق فهي ليست حجة للإلحاد، وأقصى ما تحاوله هو السعي لنفي إحدى الصفات الإلهية الثلاث: القدرة المطلقة، العلم المطلق، الرحمة الواسعة. وعجز اللاهوت المسيحي عن الرد لتناقض مشكلة الشر مع قولهم: (الله محبة)، في حين يقول المسلمون إن هناك صفات أخرى لله تعالى تقتضي وجود هذا البلاء -الذي يسميه الملاحدة شرا مجانيا- منها أن الله تعالى الملك والمتكبر والعظيم، ونحو ذلك.
  13. ليس للملحد نظرة بديلة يعالج بها مشكلة الشر فقصارى همه السعي لنسف الإيمان، فهل يقول للطفل الذي يعاني المرض والموت: عذرا يا بني، لقد انتهى رصيد خلاياك، ولا بد أن تأخذ الطبيعة دورتها ويبقى الأصلح؟ أهذا عزاؤه لذلك المسكين!!!
اقتباسات من الكتاب:

"،،،"

رأي القارئ:
  1. تنبع أهمية الكتاب في كونه يعالج قضية شائكة وخطيرة، ويتكئُ عليها الإلحاد في افتتان المؤلِّهين، وهي (مشكلة الشر وربطها بعدم وجود إلٰه، أو بنفي بعض الصفات عنه عز وجل).

كما أن سعة اطلاع المؤلف على القضايا الإلحادية القديمة والحديثة وردود اللاهوتيين الغربيين عليها، وبيان قدرة الإسلام على تقديم الحلول الناجعة لهذه القضايا الشائكة وغيرها، أضفى على الكتاب عمقًا وقوةً.

فأنصح بقراءته.

▪️ لخصهيعقوب بن نبهان الخروصي (بتاريخ 9 ربيع الآخر 1442هـ - 24  نوفمبـــر 2020م).

لا يوجد تعليقات
أترك تعليقًا Cancel
Comments to: مشكلة الشر ووجود الله

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ارفاق صور، فقط إمتدادات PNG,JPEG,JPG and GIF مسموحة.

آخر الإضافات

الأكثر رواجًا

لا يوجد لديك حساب؟ سجل الآن!
الاسم الأول*
الاسم الأخير*
اسم المستخدم*
يسمح بكتابة الحروف الإنجليزية والأرقام فقط
البريد الإلكتروني*
كلمة المرور*
تأكيد كلمة المرور*