عن المؤلف:

الشيخ نديم حسين الجسر، مفتي طرابلس ولبنان الشمالي، وُلد عام 1897 م في طرابلس وتوفي عام 1980 م، ترك عدة مؤلفات معظمها ما زال مخطوطا منها:

  • قصة الإيمان "بين الفلسفة والعلم والقرآن"
  • حديث ليلة: مخطوطة (قصة).
  • شرح قانون الجزاء.
  • الموجز في الفلسفة العربية.
  • فلسفة الحرية في الإسلام.
  • أرجوزة في علم المواريث.
  • الإسلام في العالم المعاصر.
  • القرآن والسنة في التربية الإسلامية.
  • شبابنا المثقف أمام الإيمان والتدين.
  • ركائز التفكير الإسلامي.
  • قانون السببية عند الغزالي.
  • الفية الجسر في علم أصول الفقه.
عن الكتاب:

صاغ المؤلف كتابه على هيئة حوار بين حيران بن الأضعف البنجابي وبين شيخه أبي النور الموزون السمرقندي، ومسرح القصة يدور في مسجد الإمام البخاري في قرية خرتنك قرب سمرقند، ومسجد الأمير (طينال) في طرابلس.

وحيران بن الأضعف هذا كان طالبا في جامعة (بيشاور)، إلا أنه قد طُرد منها بسبب إيغاله في مسائل الفلسفة، والخوض في الجدليات العقلية، وسر الوجود، والتشكيك في كثير من الأمور، وإهماله دروس الدين، والقراءة في كتب الفلسفة بلا فهم مما زاد من حيرته وشكه وجداله حتى يئس منه مشايخه، وخافوا بأن يسري الداء إلى الرفاق، فحكموا بطرده من الجامعة.

فنصحه أبوه بعدئذ أن يأخذ بنصيحة الشيخ الموزون الذي قال له يوماً "إن الفلسفة بحر، على خلاف البحور، يجد راكبه الخطر والزيغ في سواحله وشطآنه، والأمان والإيمان في لججه وأعماقه"، فدع عنك يا ولدي هذه القراءات الناقصة المشوشة البتراء، فإنها شديدة الخطر على عقلك وإيمانك. وبعد حوار حيران مع أبيه، شد رحاله إلى قرية خرتنك القريبة من سمرقند، وهناك دارت حواراته الشائقة والماتعة مع شيخه الموزون  في مجلسهم الليلي، والتي أنارت الدرب لحيران، وبددت عنه ما كان يجده من حيرة واضطراب في فهم حقيقة الإيمان الصحيح، وقشعت الضباب الذي كان يخيم لديه حول معنى الفلسفة وآراء الفلاسفة الكبار والمفكرين العظام وعلماء العلوم الطبيعية في الخالق جل في علاه وأصل الخلق والغاية منه، مع التوفيق بين ذلك كله وبين ما جاء في القرآن الكريم.

يقع الكتاب في ثلاثة مباحث رئيسة:

▪️الجزء الأول: من فاران إلى الپيرينه [بلوغ الإيمان من طريق الفلسفة]

وهذا أطول المباحث، فهو يدنو من 250 صفحة، ويقع في 12 مجلساً. ويبحث في "أقوال الفلاسفة والشكاك حول الإلهيات ويناقش فرضياتهم المنطقية العقلية للوصول إلى حقائق الإيمان بالله الخالق."

وقد تطرق الشيخ الموزون لآيات القرآن الكريم وسر الإعجاز فيها، مع أقوال الحكماء والفلاسفة من أمثال: ديكارت، و باسكال، و ليبنز، (فضلا عن ابن سينا والغزالي وغيرهم من علماء الكلام) عن:

  • دليل الحدوث
  • دليل الوجوب
  • بداهة قانون العلِّيّة
  • دليل العلِّة الكافية
  • اثبات صفة الإرادة، ونفي الخلق بالضرورة.
  • بداهة كون العالم حادث قد خُلِق في زمن معين وأجل مسمى.

▪️الجزء الثاني: في الآفاق [ويناقش كيف يكون وجودها الدقيق مناقضاً المصادفة]

وهذا أقصرها إذ يقع في 50 صفحة تقريبا فقط، موزعةً في 6 مجالس، يجوب فيها الشيخ الموزون مع تلميذه حيران بن الأضعف أرجاء الكون، سالكاً معه طريق العلم في إثبات استحالة أن يكون هذا الإبداع الرباني في الآفاق جاء عن طريق المصادفة العمياء!

▪️الجزء الثالث: وفي أنفسهم [ويناقش عجائب قدرة الله في الإنسان والإعجاز الرباني في خلقه].

وهذا المبحث هو أوسطها طولاً، جاء في 6 مجالس تحدث عنها المؤلف في 80 صفحة.

وقد كان حيران يسجل ما يسمعه من شيخه الموزون في دفتر الأمالي الخاص به.

اقتباسات من الكتاب:

".. فالفلسفة تريد أن تعرف حقيقة كل شيء وكنهه وأصله وغايته؛ ولا تكتفي بالمظاهر، بل تريد النفوذ إلى البواطن. "

"ومن البحث في الكون وعلَّته تكوَّنت (فلسفة الوجود)، ومن البحث في العقل وكنهه وقدرته تكونت (فلسفة المعرفة)، ومن البحث في كنه الخير والجمال والقبح تكونت (فلسفة القيم)."

"فمبحث الوجود يتناول طبيعة الموجود وحقيقته وأصله وعلته (أي المخلوق والخالق)، ومبحث المعرفة يتناول الآراء التي قالها الفلاسفة في كيفية حصول المعرفة ووسائلها ومبلغها من الصحة."

"يقول باكون عن الفلسفة: "القليل منها يبعد عن الله أما الكثير فيردُّ إلى الله""

"إن عقولنا تكل أحياناً عن تصور حقائق كثيرة، يقوم البرهان العقلي على صحتها .. ذلك لأن عقولنا خُلقت عاجزةً عن تصور كثير من الأشياء، ولكنها تستطيع أن تحكم بوجودها من طريق (البرهان العقلي القاطع). (فالتصور) غير (التعقّل). فقد تستطع تعقّل شيء ولا تستطيع أن تتصوره؛ لأن التعقل يعتمد على بديهيات أولية يأخذ العقل في ترتيبها وتركيبها، واستنباط بعضها من بعض، وبناء بعضها على بعض، فيصلُ إلى حكم عقلي قاطع قد لا يستطيع تصوره."

"والعلم الحديث يقر هذه الحقيقة عن الفرق بين إمكان تصور الشيء وإمكان تعقله. فلا يُبالي بعجز العقل عن التصور، ويعتمد على التعقّل وحده. لأن الحقائق العلمية أصبحت في مجالاتها وكمياتها وأعدادها فوق (التصور)، ولكنهم يحسبونها ويعرفونها ويحكمون عليها من طريق التعقّل."

"التصور غير التعقّل، والعبرة لقدرة العقل على التعقّل ولا عبرة لعجزه عن التصور!"

"قانون المصادفة يقول: "إن حظ المصادفة من الاعتبار يزداد وينقص بنسبة معكوسة مع عدد الإمكانيات المتكافئة المتزاحمة." - فكلما قلّ عدد الأشياء المتزاحمة، ازداد حظ المصادفة من النجاح، وكلما كثر عددها قلّ حظ المصادفة. "

"وهذا بعض ما قاله القرآن عن الجبال، وفيه الصراحة، وفيه الإشارة: أنها أوتاد تمسك المهاد، وأنها أكنان، وأنها حواجز للرياح، ومعاقد للثلوج في أعاليها، ومراشح للمياه في أواسطها، ومخازن في أكنانها ومغاورها وكهوفها، ومنافذ للينابيع والأنهار في أسفلها "

"فهناك في الخارج جمال صحيح نحسه إحساساً مادياً وندركه ادراكاً عقلياً، ولكننا إذا أضفينا عليه ذلك الخيال من عواطفنا وذكرياتنا تزايد إحساسنا به، وفي هذا يظهر سر التفاوت في تذوُّق الجمال بين الطفل والرجل!"

"كل عضو من أعضاء الحس له وظيفة واحدة إلا هذا اللسان، فالعين للبصر، والأذن للسمع، والأنف للشم، والأنامل أشد جوانب الجلد إحساسا باللمس، أما اللسان فهو آلة للذوق، وآلة للمضغ والبلع والهضم، وآلة للحس واللمس، وآلة للتكلم .."

"يقول انشتاين: (أن جوهر الشعور الديني في صميمه هو أن نعلم بأن ذلك الذي لا سبيل لمعرفة كنه ذاته موجودٌ حقاً، ويتجلى بأسمى آيات الحكمة وأبهى أنوار الجمال … وإنني لا أستطيع أن أتصور عالماً حقاً لا يدرك أنَّ المبادئ الصحيحة لعالم الوجود مبنية على حكمة تجعلها مفهومة عند العقل. فالعلم بلا إيمان يمشي مشية الأعرج والإيمان بلا علم يتلمس تلمُّس الأعمى)."

"يقول باسكال: (صنفان من الناس يجوز أن نسميهم عقلاء، وهم الذين يخدمون الله لأنهم يعرفونه، والذين يجدُّون في البحث عنه لأنهم لا يعرفونه)."

رأي القارئ:

كتاب دسم، يطرح مواضيع إيمانية وفلسفية هامة بطريقة الحوار مستخدما أساليب الإقناع والمحاججة بالأدلة العقلية والنقلية بأسلوب أدبي رفيع.

وقد استمعتُ للكتاب صوتيا بعد تحميله من يوتيوب في عدة فيديوهات صوتية، وقد كان لجودة الإخراج وفصاحة الصوت الإذاعي لقارئ الكتاب أثر بالغ في إعجابي بالكتاب واستمتاعي به. كما كنتُ أستعين بالنسخة الورقية للكتاب للعودة لبعض الفصول والفقرات متى ودعت الحاجة.

وفيما يلي مجموعة مختارة من التعابير البيانية الرائعة التي اقتبستُها من الكتاب:

"هذا هو القول الحق الذي لا ريب فيه، وكلُّ ما سواهُ هو قولٌ واهٍ واهنٍ مثل (بيت العنكبوت) الذي هو في الظاهر منسَّقٌ، مُرتَّبٌ، مُزوَّقٌ، تنسجه العنكبوت من جوفها، لتصطاد به صغار الحشرات، كما ينسج المجادلون في الله بغير علم ولا هُدى، ظنونهم الواهية، من بطونهم، ليصطادوا بها ضعاف العقول…"

"سبحان الله العظيم .. حقا إن أُمنا الأرض حدباء حنواء… فسبحان من (حناها) لنا لتحنو علينا، وسبحان من (أحدبها) لتحدب علينا وعلى كل حي."

وبعد حديثه عن عجائب خلق الله في قلب الإنسان، قال المؤلف: "هذا هو القلب في فعله وأثره، وغرضه ووطره، وقدْرِه وقدَره، وحيطانه وجُدُره، ومنافذه وحجَره، وأبوابه وسُتُره، وكهوفه وحُفَرِه، وجداوله و غُدُره، وصفائه وكدره، ودأبه وسهره، وصبره وحذره، وعظيم خطره .."

أنصحُ بقراءة هذا الكتاب ففيه من الفوائد والفرائد والبراهين العقلية والتحليلات المنطقية ما لا يحصى كثرة.

 

هل تعجبك مقالات أبو الخطاب أحمد الخروصي؟ تابعني على منصات التواصل الإجتماعي
رد فعل الناس على هذه القصة.
أظهر التعليقات إخفاء التعليقات
Comments to: قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن
  • نوفمبر 10, 2021

    تلخيص مميز وشائق بذلت فيه جهدا كبيرا ، بارك الله فيك

    رد

اكتب ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ارفاق صور، فقط إمتدادات PNG,JPEG,JPG and GIF مسموحة.

آخر الإضافات

الأكثر رواجًا

لا يوجد لديك حساب؟ سجل الآن!
الاسم الأول*
الاسم الأخير*
اسم المستخدم*
يسمح بكتابة الحروف الإنجليزية والأرقام فقط
البريد الإلكتروني*
كلمة المرور*
تأكيد كلمة المرور*